قراءة مناخية: الدوامة القطبية تُعيد بناء نفسها استعدادًا لفصل الخريف
طقس العرب - قال المختصون الجويون في مركز طقس العرب الإقليمي إن دول النصف الشمالي من الكرة الأرضية ستدخل فصل الخريف من الناحية المناخية بعد أيام أي مطلع شهر أيلول/سبتمبر القادم، يُعد أول سبتمبر بداية فصل الخريف وفق علم الأرصاد الجوية، ومع بدايته تبدأ الأنظمة الجوية بالتغير التدريجي، إذ تنحسر الأنظمة الصيفية بينما يبدأ بناء الدوامة القطبية الشمالية إيذانًا بدخول الخريف واستعدادًا لفصل الشتاء.
الأنظمة الصيفية تبدأ بالأنهيار مع بداية الخريف
واعتبارًا من بداية فصل الخريف تبدأ المنظومات الجوية الصيفية بالتراجع عن المناطق القطبية وشبه القطبية، وتبدأ حركة الشمس الظاهرية بالانحدار نحو الجنوب مع زيادة طول الليل، مع حدوث انسحاب تدريجي للمرتفعات المدارية التي سادت خلال الصيف، وامتلاء مراكز المنخفضات الحرارية مثل المنخفض الموسمي في الجزيرة العربية.
وفي نفس الوقت، يبدأ النصف الجنوبي من الكرة الأرضية بالدخول في فصل الربيع من الناحية المناخية، حيث ترتفع درجات الحرارة تدريجيًا بعد الشتاء ما يمهّد لأجواء أكثر دفئًا واعتدالًا من تلك التي سادت طيلة الأشهر الماضية.
الرياح الغربية النطاقية (Westerlies) تتجه نحو النشاط
ومع دخول فصل الخريف، تبدأ الدوامة القطبية الشمالية بالتشكل والتماسك من جديد بفعل زيادة عمليات التبريد مع بدء ميل محور الإشعاع الشمسي في القطب الشمالي.
وتشير الخرائط الجوية إلى توقع بدء نشاط الرياح الغربية النطاقية من نهاية الشهر الجاري، وتزداد قوة تدريجيًا خلال شهري أيلول (سبتمبر) وأكتوبر، وهي الرياح التي تتحرك من الغرب إلى الشرق عند طبقات الغلاف الجوي العليا، خصوصًا على ارتفاع يقارب 10 هكتوباسكال (نحو 30 كم)، و يتم التركيز غالبًا على خط عرض 60° شمالًا، لكونه يمثل حدود الدوامة القطبية تقريبًا.
وعندما تكون الرياح قوية وموجبة (تسلك الاتجاه الغربي الطبيعي)، تكون الدوامة القطبية قوية ومستقرة.
وعندما تضعف أو تتحول للاتجاه الشرقي (قيم سالبة)، فهذا يدل على ضعف أو انهيار الدوامة، وغالبًا ما يرتبط ذلك باندفاعات هواء بارد نحو العروض الوسطى (مثل أوروبا أو الشرق الأوسط).
سمات فصل الخريف في الدول العربية
ويُعد الخريف فصل انتقالي حيث تزداد التقلبات الجوية، ويتعمق توغل الأحواض الباردة من الشمال نحو الجنوب، مولّدة حالات من عدم الاستقرار الجوي وبداية موسم الأمطار في الكثير من الدول العربية، كما تبدأ درجات الحرارة بالتراجع تدريجيًا، وتكثر التقلبات الحرارية في فترتين متقاربتين بفعل الصراع الذي يحصل بين الكتل الهوائية مختلفة الخصائص.
من ناحية أخرى، تزداد حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي خلال هذا الفصل نتيجة التبدّل الكبير في درجات الحرارة.
للمهتمين والمختصين: ما هي الدوامة القطبية؟
والدوامة القطبية (Polar Vortex) هي نظام ضغط منخفض دائري يتشكل فوق القطبين الشمالي والجنوبي للأرض. تتكون من كتلة ضخمة من الهواء البارد التي تحيط بالقطب ويظل محاصراً بفعل دوران الأرض وقوة كوروليس (Coriolis Effect). تتسبب هذه الدوامة في نشوء نظام جوي متكامل يتأثر بشكل كبير بتغيرات درجة الحرارة والمواسم.
وتتكون الدوامة القطبية نتيجة التفاعل بين الهواء البارد الذي يتجمع فوق القطبين وحركة الهواء حولهما. خلال فصل الشتاء، تتسع الدوامة القطبية بسبب انخفاض درجات الحرارة، مما يؤدي إلى تعزيز نظام الضغط المنخفض. هذا التوسع يمكن أن يتسبب في تدفق الكتل الهوائية الباردة إلى مناطق أكثر اعتدالاً في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، مما يؤدي إلى موجات برد شديدة.
وخلال فصل الشتاء، تنخفض درجات الحرارة في المناطق القطبية، مما يعزز من قوة الدوامة القطبية وتوسعها. هذا التوسع يمكن أن يؤدي إلى تدفق كتل هوائية باردة إلى مناطق أبعد نحو الجنوب، مما يتسبب في موجات برد شديدة وعواصف ثلجية في المناطق المعتدلة. في فصل الصيف، تتقلص الدوامة القطبية بسبب ارتفاع درجات الحرارة، لكنها تبدأ في إعادة بناء نفسها مع اقتراب الخريف استعداداً لفصل الشتاء المقبل.
والله أعلم.