طقس العرب - رغم أنه ليس أبعد كواكب المجموعة الشمسية عن الشمس، إلا أن أورانوس يُعتبر أبرد كوكب معروف حتى الآن، بدرجات حرارة تنخفض إلى حدود -224 درجة مئوية، وهو رقم يقارب الصفر المطلق، أي أدنى درجة حرارة ممكنة في الفيزياء!
هذا البرد القارس لا يأتي فقط من بعده الكبير عن الشمس، بل من خصائصه الداخلية الفريدة؛ إذ لا يطلق أورانوس حرارة داخلية تُذكر، على عكس كواكب عملاقة أخرى مثل المشتري ونبتون، مما يجعله أشبه بكوكب "بارد من الداخل والخارج".
في هذا العالم المتجمد، لا توجد شمس تدفئ أغلب مناطقه إلا كل بضعة عقود، ولا فصل معتدل يكسر قسوة المناخ، بل هو كوكب يعيش بين ليل مظلم طويل، ونهار شديد البرودة.
يدور أورانوس حول الشمس مرة كل 84 سنة أرضية، ولكن المثير للدهشة هو ميلانه الشديد: يميل محوره بمقدار 98 درجة تقريبًا، ما يجعله يدور وكأنه "مستلقي على جانبه". هذا الميل الحاد يُحدث تأثيرًا مباشرًا على مناخ الكوكب، حيث يتحول كل نصف منه إلى ساحة لفصل طويل يمتد لعقود.
نتيجة لهذا الميلان الحاد، لا يعرف أورانوس أربعة فصول كما هو الحال على الأرض، بل يعيش فقط فصلين طويلين:
صيفٌ متجمد لمدة 21 سنة أرضية تظل فيه الشمس مشرقة دون غروب على نصف الكوكب، لكن درجات الحرارة تبقى منخفضة نسبياً، حيث لا تتجاوز -190 درجة مئوية، رغم التعرض المستمر لأشعة الشمس. وخلال هذه الفترة، يُعتقد أن الغلاف الجوي يشهد نشاطًا في التيارات الغازية، وتتشكل سحب ميثانية، وقد تتولد عواصف محلية في بعض المناطق، نتيجة اختلافات الضغط والحرارة.
شتاء طويل لمدة 21 سنة أخرى، تغيب فيه الشمس تمامًا عن النصف الآخر من الكوكب، لتدخل تلك المناطق في ليلٍ قطبي طويل تنخفض فيه درجات الحرارة إلى حوالي -224 درجة مئوية، وهي من أدنى القيم المسجلة في النظام الشمسي. ويُعتقد أن النشاط الجوي في هذا الفصل يتركز في الطبقات العليا من الغلاف الجوي، حيث تستمر الرياح النفاثة في الحركة رغم الظلام والصقيع.
أما الربيع والخريف، فهما مجرد فترات انتقالية قصيرة لا تُحدث تغييرات مناخية كبيرة، وتبقى تأثيراتهما محدودة في ظل سيطرة الصيف والشتاء الطويلَين.
ورغم هذا المشهد الثابت والممل ظاهريًا، إلا أن الغلاف الجوي لأورانوس يعج بالحركة. تسجّل البيانات الفلكية وجود رياح قوية جدًا قد تصل إلى 900 كم/ساعة، خاصة في المناطق الاستوائية والطبقات العليا من الغلاف الجوي.
هذا الغلاف مكوّن من غازي الهيدروجين والهيليوم، بالإضافة إلى الميثان، الذي يمتص الضوء الأحمر ويعكس الأزرق، مما يمنح الكوكب لونه السماوي المميز.
ورغم ندرة البيانات، فقد رصدت مركبة فوياجر 2 وبعض التلسكوبات الأرضية وجود بقع مظلمة ودوامات غازية ضخمة على أورانوس، تشبه إلى حد ما العواصف التي تظهر على نبتون. ويُعتقد أن هذه الأنظمة الجوية تتشكل بفعل اختلاف درجات الحرارة والضغط في عمق الغلاف الغازي الكثيف، ما يخلق اضطرابات ضخمة قد تبقى مستقرة لسنوات.
يبقى أورانوس حتى اليوم واحدًا من أقل الكواكب دراسة، ولا تزال بياناتنا عنه محدودة، ومع غياب مهمات استكشافية حديثة، يظل مناخ هذا الكوكب العملاق لغزًا مفتوحًا، ينتظر من يستكشفه ويكشف المزيد عن هذا العملاق المائل الذي يُخفي في طياته أسرار بردٍ لا يُحتمل وطقسٍ لا يُشبه أي شيء آخر نعرفه.
تطبيق طقس العرب
حمل التطبيق لتصلك تنبيهات الطقس أولاً بأول