طقس العرب - أظهرت البيانات المناخية الحديثة أن موجات الحر الصيفية في أوروبا لم تعد ظاهرة استثنائية، بل أصبحت واقعًا متكررًا يهدد صحة السكان والبنية التحتية بشكل سنوي، مع تسجيل آلاف الوفيات كل عام. وبحسب تقييمات مناخية متعددة، فإن الأسباب تعود إلى مزيج من التغير المناخي العالمي، والطبيعة العمرانية غير المؤهلة للحرارة، وغياب أنظمة تكييف فعالة، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة كبار السن ضمن التوزيع السكاني.
تُبنى معظم المنازل والمباني في أوروبا لتحمّل برد الشتاء لا حرارة الصيف، حيث لا تتوفر فيها أنظمة تكييف واسعة. وتشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية إلى أن نسبة امتلاك أجهزة التكييف في المنازل الأوروبية لا تتجاوز 19%، ما يترك شريحة كبيرة من السكان دون حماية فعالة في أيام الحر الشديد. كما أن الأبنية القديمة والمزدحمة في المدن الكبرى لا تسمح بتركيب التكييف بسهولة. مما يتتسبب بارتفاع الحرارة داخل المساكن، وتزيد من خطر الإصابة بالإجهاد الحراري وضربات الشمس، خصوصًا في المدن ذات الكثافة السكانية العالية مثل باريس ومدريد.
هذا وتشير إحصائيات الاتحاد الأوروبي إلى أن أكثر من 20% من سكان القارة تزيد أعمارهم عن 65 عامًا، ما يجعلهم أكثر عرضة للتأثر بموجات الحر. كبار السن، إلى جانب المصابين بأمراض مزمنة أو إعاقات صحية، لا يملكون قدرة فسيولوجية كافية على التكيف مع ارتفاع الحرارة. ووفقًا لتقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية، فإن الحرارة الشديدة تسببت في نحو 15 ألف حالة وفاة صيف 2022 فقط، معظمها ضمن هذه.
كما تشهد أوروبا ارتفاعًا متسارعًا في درجات الحرارة بسبب الاحترار العالمي، حيث تشير بيانات خدمة كوبرنيكوس الأوروبية أن صيف 2024 كان الأشد حرارة منذ بدء السجلات المناخية. وتتجاوز وتيرة ارتفاع الحرارة في أوروبا ضعف المعدل العالمي، ما يؤدي إلى تكرار موجات الحر وامتدادها لعدة أسابيع. ومع تغير التيارات الهوائية الجوية، تثبت الكتل الهوائية الساخنة فوق بعض المناطق لأيام، مما يفاقم الأثر الحراري ويزيد من التلوث والانبعاثات. وقد وثّق الباحثون أكثر من 61 ألف وفاة صيف 2022 بسبب موجات الحر، وفق دراسة منشورة في مجلة Nature.
تطبيق طقس العرب
حمل التطبيق لتصلك تنبيهات الطقس أولاً بأول